في يوم من الأيام قررت إصلاح كرسي قصبي هزاز ورثته عن أجدادي، فبحثت عن مختص في صنع الأدوات القصبية، لكن لم أجد من يرشدني لحرفي، لأن هذه الحرفة قديمة، وبدأت تختفي مع مر السنين.
ولحسن الحظ، وجدت أخيرا صديقا يدلني على ورشة مختصة، فلما قصدت الورشة، فوجئت بشاب اسمه رشيد، هو صاحب الورشة، في الوقت الذي كنت أظن أن من سيكون مالكا للورشة هو رجل طاعن في السن.
إن هذا الشاب مبدع في صناعة الأدوات القصبية، وله زبائن من كل المدن. تجاذبت معه أطراف الحديث، وسألته: كيف امتهنت يا صديقي هذه المهنة القديمة جدا؟
ورشة القصب
رد علي: والدي متقدم في العمر، ولكي أحافظ على حرفته التراثية هاته، قررت تولي تسيير ورشته بدلا عنه، فأدخلت أفكارا إبداعية جديدة، وأحييت هذه الحرفة من جديد، وأصبح لدي زبائن من كل المدن المغربية، بل لدى زبائن حتى من خارج المغرب، كدول الخليج والمغرب العربي.
أخبرني رشيد، أن حرفة الإبداع بالقصب تعود لسنوات قديمة، وهي حرفة انتشرت كثيرا بالصحراء الشرقية للمغرب، حيث كان الحرفيون يطوعون القصب ليشكلوا منه السلال، وعلب الخبز، والغرف القصبية لتخزين مؤونة السنة، عندما كانت الأمطار خلال فصل الشتاء غزيرة، وتستمر أربعة أشهر.
ثم سألته: وما هي المواد والأدوات المستعملة في هذه الصناعة؟
أجابني: هذه الصناعة مادتها الأولية القصب الناضج الذي وصل في نموه لمرحلة الأصفرار الكامل، فيتم حشه "قطعه" بالمنشار، وينقل للورشة على شكل حزم، فنقوم بتنقيته من الأوراق والشوائب العالقة به، ثم نقطع رؤوس القصب بالمنشار الكهربائي، لكي نحصل على قصبات تأخذ شكل أنابيب متساوية الطول والحجم.
وتابع كلامه:
وبعد ذلك، نقوم بقطع كل قصبة بالطول إلى شرائح طويلة جدا على شكل شرائط، لتكون جاهزة للتطويع والتشكيل، وتسمى هذه الشرائح بالروتان، ولكن يبقى أغلى أنواع القصب هو الخيزران، ونظرا لندرته بالمغرب، يتم استيراده من الهند.
إرسال تعليق